للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا بأس أن تقيد بالمشيئة، كما في قوله تعالى: {وهو على جمعهم إذا يشاء قدير} [الشورى: ٢٩]؛ فإن {إذا يشاء} عائدة على «الجمع»؛ لا على «القدرة»؛ فهو قدير على الشيء شاءه، أم لم يشأه؛ لكن جمعه لا يقع إلا بالمشيئة؛ ومنه الحديث في قصة الرجل الذي أكرمه الله سبحانه وتعالى، فقال: «ولكني على ما أشاء قادر» (١)؛ لأنه يتكلم عن فعل معين؛ ولهذا قال: «قادر»: أتى باسم الفاعل الدال على وقوع الفعل دون الصفة المشبهة ــ «قدير» ــ الدالة على الاتصاف بالقدرة.

القرآن

( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة: ١٤٩)

التفسير:

{١٤٩} قوله تعالى: {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام}؛ ما أعظم هذا الحدث؛ ولهذا أكده الله عدة مرات؛ {من} حرف جر؛ و {حيث} مبنية على الضم؛ قال ابن مالك في عدّ المبنيات:

(كأينَ أمسِ حيثُ والساكن كمْ) و {خرجت}: الخطاب هنا إما أن يكون للرسول صلى الله عليه وسلم؛ وإما أن يكون لكل من يتأتى خطابه؛ أي من حيث خرجت أيها الإنسان {فول وجهك شطر المسجد الحرام} أي مستقبلاً له؛ وذلك عند


(١) أخرجه مسلم ص ٧١٢، كتاب الإيمان، باب ٨٣، آخر أهل النار خروجاً، رقم الحديث: ٤٦٣ [٣١٠] ١٨٧.