الصلاة؛ و {شطر المسجد} أي جهة المسجد؛ و {المسجد الحرام} هو المسجد الذي فيه الكعبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ... »(١)؛ بل لقوله تعالى:{هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفاً أن يبلغ محله}[الفتح: ٢٥]؛ ووصِف بالحرام لاحترامه، وتعظيمه.
قوله تعالى:{وإنه} أي توليك شطر المسجد الحرام {للحق} اللام هنا للتوكيد؛ فالجملة هنا مؤكدة بمؤكدين؛ أحدهما:«إن»؛ والثاني: اللام؛ و «الحق» هو الشيء الثابت؛ لأنه محقوق ــ أي مثبت؛ ومنه قوله تعالى:{إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون}[يونس: ٩٦]: {حقت} بمعنى ثبتت، ووجبت.
قوله تعالى:{من ربك} تقدم الكلام عليها، وأنها ربوبية خاصة.
قوله تعالى:{وما الله بغافل}: الباء حرف جر زائد للتوكيد؛ والأولى أن نقول:«الباء للتوكيد» فقط؛ ولا نقول:«زائد»؛ لئلا يفهم السامع أن في القرآن ما ليس له معنى؛ و {غافل} خبر {ما} منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر؛ و «الغفلة» الذهول.
قوله تعالى:{عما تعملون} بالتاء: خطاب للمسلمين؛ وفي قراءة:{عما يعملون} بالياء: خطاب لهؤلاء الذين اعترضوا على
(١) أخرجه البخاري ص ٩٢، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة، باب ١: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، حديث رقم ١١٨٩، أخرجه مسلم ص ٩٠٩، كتاب الحج، باب ٩٥: فضل المساجد الثلاثة، حديث رقم ٣٣٨٤ [٥١١] ١٣٩٧.