{٢٥٨} قوله تعالى: {ألم تر} الهمزة للاستفهام؛ والمراد به هنا التقرير، والتعجيب؛ «التقرير» يعني تقرير هذا الأمر، وأنه حاصل؛ و «التعجيب» معناه: دعوة المخاطَب إلى التعجب من هذا الأمر العجيب الغريب الذي فيه المحاجة لله عز وجل؛ {تر} أي تنظر نظر قلب؛ لأنه لم يدرك زمنه حتى يراه بعينه؛ والخطاب في قوله تعالى:{ألم تر} إما للنبي (صلى الله عليه وسلم)؛ وإما لكل من يتأتى خطابه ممن نزل عليهم القرآن؛ وهذا أعم؛ وقد ذكرنا قبل ذلك أن ما جاء بلفظ الخطاب في القرآن فله ثلاث حالات؛ إما أن يدل الدليل على أنه للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وللأمة؛ أو يدل الدليل على أنه خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ أو لا يكون هذا، ولا هذا: والحكم فيه أنه عام للرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولغيره؛ ولكن هل هذا الخطاب المعين يراد به الأمة، وخوطب إمامها لأنهم تبع له؛ أو يراد به النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره يفعله على سبيل الأسوة؟ قولان لأهل العلم؛ ومؤداهما واحد؛ فمن أمثلة ما دل الدليل على أنه خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى:{ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك}[الشرح: ١، ٢]؛ ومن الأمثلة التي دل الدليل على أنه للرسول، ولغيره قوله تعالى:{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء}[الطلاق:]؛ فوجه الخطاب إلى