للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن

(قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة: ٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (البقرة: ٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) (البقرة: ٩٦)

التفسير:

. {٩٤. ٩٥} قوله تعالى: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس}: {كانت} هنا ناقصة، وخبرها يجوز أن يكون الجار والمجرور في قوله تعالى: {لكم}؛ وتكون {خالصة} حالاً من {الدار}. يعني: حال كونها خالصة من دون الناس؛ ويجوز أن يكون الخبر: {خالصة}؛ والمعنى واحد؛ والمراد بـ {الدار الآخرة} الجنة؛ وإنما قال تعالى ذلك؛ لأنهم قالوا: "لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة، وبعدها تخلفوننا أنتم في النار؛ ونكون نحن في الجنة". هذا كلام اليهود؛ والذي يقول هذا الكلام يدعي أن الدار الآخرة خالصة. أي خاصة. له من دون الناس، وأن المستحق للنار منهم يدخلها أياماً معدودة، ثم يخرج إلى الجنة ..

قوله تعالى: {فتمنوا الموت} أي اطلبوا حصوله {إن كنتم صادقين} أي في دعواكم أن الدار الآخرة خالصة لكم من دون الناس؛ لأنها حينئذٍ تكون لكم خيراً من الدنيا؛ فتمنوا الموت لتصلوا إليها؛ وهذا تحدٍّ لهم؛ ولهذا قال الله تعالى هنا: {ولن يتمنوه أبداً}؛ وفي سورة الجمعة قال تعالى: {ولا يتمنونه أبداً} [الجمعة: ٧] وذلك؛ لأنهم يعلمون كذب دعواهم أن لهم الدار الآخرة خالصة ..