ينفق ماله رئاء الناس، ولا يؤمن بالله، واليوم الآخر؛ وهذا ينطبق تماماً على المنافقين؛ ولا ريب أن المنافقين كفار - وإن تظاهروا بالإسلام - ولكن هل نعاملهم معاملة الكفار؟ الجواب: لا نعاملهم معاملة الكفار؛ لأن أحكام الدنيا تجري على الظاهر؛ وأحكام الآخرة تجري على الباطن والسرائر، كما قال تعالى:{أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور * وحصِّل ما في الصدور}[العاديات: ٩، ١٠]، وقال تعالى:{يوم تبلى السرائر}[الطارق: ٩]؛ ولأنه لو عومل الناس في الدنيا على السرائر لكان في ذلك تكليف ما لا يطاق من وجه؛ وكان في ذلك الفوضى التي لا نهاية لها من وجه آخر؛ أما تكليف ما لا يطاق فلأننا لا نعلم ما في صدور الناس؛ فلا يمكن أن نحكم عليه؛ وأما الفوضى فلأنه يستطيع كل ظالم له ولاية أن يعاقب هذا الرجل، أو يعدم هذا الرجل بحجة أنه مبطن للكفر؛ ولما استؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل المنافقين قال:«لا أقتلهم؛ لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه»(١).
(١) أخرجه البخاري ص ٤٢٠، كتاب التفسير، باب ٥: قوله تعالى: (سواء عليهم استغفرت لهم) الآية، حديث رقم ٤٩٠٥، وأخرجه مسلم ص ١١٣٠، كتاب البر والصلة، باب ١٦: نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً، حديث رقم ٦٥٨٣ [٦٣] ٢٥٨٤.