للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهاء يعود على اليهود؛ و {أحرص} اسم تفضيل؛ و "الحرص" هو أن يكون الإنسان طامعاً في الشيء مشفقاً من فواته؛ والحرص يستلزم بذل المجهود؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز" (١)؛ ونكر {حياة} ليفيد أنهم حريصون على أيّ حياة كانت. وإن قلّت؛ حتى لو لم يأتهم إلا لحظة فهم أحرص الناس عليها ..

قوله تعالى: {ومن الذين أشركوا} أي الشرك الأكبر؛ واختلف المفسرون فيها؛ فمنهم من قال: هو مستأنف، والكلام منقطع عما قبله؛ والتقدير: ومن الذين أشركوا من يود أحدهم لو يعمر ... ؛ وهذا وإن كان محتملاً لفظاً، لكنه في المعنى بعيد جداً؛ ومنهم من قال: إنه معطوف على قوله تعالى: {الناس} يعني: ولتجدنهم أحرص الناس، وأحرص من الذين أشركوا؛ يعني: اليهود أحرص من المشركين على الرغم من أن اليهود أهل كتاب يؤمنون بالبعث، وبالجنة، وبالنار؛ والمشركون لا يؤمنون بذلك، والذي لا يؤمن بالبعث يصير أحرص الناس على حياة؛ لأنه يرى أنه إذا مات انتهى أمره، ولا يعود؛ فتجده يحرص على هذه الحياة التي يرى أنها هي رأس ماله؛ وهذا القول هو الصواب ..

قوله تعالى: {يود أحدهم لو يعمر ألف سنة}؛ "الود" خالص المحبة؛ والضمير في {أحدهم} يعود على المشركين لا غير. على القول الأول: أي أن قوله تعالى: {ومن الذين أشركوا} مستأنف؛ وعلى القول الثاني: يحتمل أن يكون الضمير عائداً على اليهود؛ ويصير انقطع الكلام عند قوله تعالى:


(١) سبق تخريجه ص ١٦٣.