وذلك بقبض أرواحهم عند الموت؛ وقد أضاف الله التوفي إليه تارة، كما في قوله تعالى:{الله يتوفى الأنفس حين موتها}[الزمر: ٤٢]؛ وإلى ملك الموت تارة، كما في قوله تعالى:{قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم}[السجدة: ١١]؛ وإلى رسله - وهم الملائكة - تارة، كما في قوله تعالى:{حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون}[الأنعام: ٦١] فإضافتها إلى الله؛ لأنها بأمره؛ وإلى ملك الموت؛ لأنه الذي يقبض الروح؛ وإلى الرسل؛ لأنهم يقبضونها من ملك الموت يصعدون بها إلى السماء؛ ولذلك بني الفعل في الآية لما لم يسم فاعله؛ ليشمل كل ذلك.
وقوله تعالى:{منكم}: الخطاب للناس جميعاً؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:{يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً}[النساء: ١٧٤]؛ فالخطابات بصيغة الجمع لجميع من نزل إليهم القرآن.
وقوله تعالى:{ويذرون أزواجاً} أي يتركون أزواجاً بعدهم؛ و {أزواجاً} جمع زوج - وهو من عقد له النكاح من رجل، أو امرأة -؛ إلا أن الفرضيين - رحمهم الله - اصطلحوا على أن الرجل يقال له: زوج؛ والمرأة يقال لها زوجة من أجل التمييز بينهما في قسمة الميراث.
وقوله تعالى:{يتربصن بأنفسهن} أي ينتظرن، ويَحبسن أنفسهن عن الزواج؛ لأن المرأة بطبيعتها تطلب النكاح؛ فقيل لها: تربصي بنفسك؛ انتظري، مثلما أقول: ارفق بنفسك - أي هوِّن على نفسك -؛ وما أشبهها؛ وأما قول من قال: إن «أنفسهن» توكيد