للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {ابعث لنا ملكاً} أي مُرْ لنا بملك، أو أقم لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله؛ وكان أمرهم في ذلك الوقت فوضوي ليس عندهم ملك يدبر أمورهم، ويدبر شؤونهم؛ والناس إذا كان ليس لهم ولي أمر صار أمرهم فوضى، كما قيل:

(لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ............. )

ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم القوم إذا سافروا أن يؤمِّروا أحدهم عليهم (١) حتى لا تكون أمورهم فوضى.

قوله تعالى: {نقاتل في سبيل الله}؛ «نقاتل» بالجزم جواباً للأمر «ابعث»؛ وهذا يدل على عزمهم على القتال إذا بعَث إليهم ملكاً؛ وسبق معنى «في سبيل الله»، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسرها بأحسن تفسير؛ وهو «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا» (٢).

فقال لهم نبيهم يريد أن يختبرهم، وينظر عزيمتهم: {هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا}؛ «عسيتم» فيها قراءتان: بفتح السين، وكسرها؛ وهي هنا للتوقع؛ فيكون المعنى: هل يتوقع منكم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا؟

وقوله تعالى: {إن كتب عليكم} جملة شرطية معترضة بين اسم «عسى»، وخبرها؛ فاسم «عسى» الضمير: التاء؛ و {ألا


(١) راجع أبا داود ص ١٤١٦، كتاب الجهاد، باب ٨٠: في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم، حديث رقم ٢٦٠٨، ٢٦٠٩؛ وقال الشوكاني: رجالهما رجال الصحيح إلا علي بن بحر وهو ثقة (نيل الأوطار ٨/ ٢٥٦) < وقل الألباني في صحيح أبي داود: حسن صحيح (٢/ ١٢٥، حديث رقم ٢٦٠٨، ٢٦٠٩).
(٢) سبق تخريجه ٢/ ١٧٦.