للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنبياء تركوا العلم، والحكمة؛ لأن الأنبياء لم يورِّثوا درهماً، ولا ديناراً؛ وإنما ورثوا العلم؛ فهذا التابوت كان مفقوداً، وجاء به هذا الملِك الذي بعثه الله لهم، وصار معهم يصطحبونه في غزواتهم فيه السكينة من الله سبحانه وتعالى: أنهم إذا رأوا هذا التابوت سكنت قلوبهم، وانشرحت صدورهم؛ وفيه أيضاً مما ترك آل موسى، وآل هارون - عليهما الصلاة والسلام - من العلم، والحكمة.

وقوله تعالى: {آل موسى وآل هارون}؛ خص موسى، وهارون - عليهما الصلاة والسلام -، لأنهما جاءا برسالة واحدة.

وقوله تعالى: {تحمله الملائكة}: الجملة حال من {التابوت}؛ و {الملائكة} عالم غيبي خلقوا من نور؛ وسبق الكلام مبسوطاً في أحوالهم (١).

قوله تعالى: {إن في ذلك لآية} بالنصب اسم {إن} مؤخراً؛ والمشار إليه: «التابوت تحمله الملائكة، وفيه سكينة من الله، وبقية مما ترك آل موسى، وآل هارون».

قوله تعالى: {إن كنتم مؤمنين} أي ذوي إيمان.

الفوائد:

١ - من فوائد الآية: رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، حيث يؤيد الأمور بالآيات لتقوم الحجة؛ لقوله تعالى: {وقال لهم نبيهم إن آية ملكه}؛ ولو شاء الله عزّ وجلّ لفعل ما يفعل بدون آية، وانتقم من المكذبين، والمستكبرين؛ ولكن من رحمته عزّ وجلّ أنه يبعث بالآيات حتى تطمئن القلوب، وحتى تقوم الحجة؛ ولهذا ما


(١) انظر ٢/ ٢٧٥.