للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - ومنها: أن من الحكمة اختيار الجند؛ ليظهر من هو أهل للقتال، ومن ليس بأهل؛ ويشبه هذا ما يصنع اليوم، ويسمى بالمناورات الحربية؛ فإنها عبارة عن تدريب، واختيار للجند، والسلاح: كيف ينفذون الخطة التي تعلَّموها؛ فيجب أن نختبر قدرة الجند على التحمل، والثبات، والطاعة؛ والأساليب الحربية مأخوذة من هذا؛ ولكنها متطورة حسب الزمان.

٤ - ومنها: أن طالوت امتحنهم على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: من شرب من النهر كثيراً؛ فهذا قد تبرأ منه.

الوجه الثاني: من لم يشرب شيئاً؛ فهذا من طالوت - أي من جنوده المقربين -.

الوجه الثالث: من شرب منه غرفة بيده؛ فهذا لم يتبرأ منه؛ وظاهر الآية أنه مثل الوجه الثاني.

وهذا الابتلاء أولاً ليعلم به من يصبر على المشقة ممن لا يصبر؛ فهو كالترويض والتمرين على الصبر؛ ثانياً: ليعلم به من يمتثل أوامر القائد، ومن لا يمتثل.

٥ - ومن فوائد الآية: أن أكثر عباد الله لا ينفذ أمر الله؛ لقوله تعالى: {فشربوا منه إلا قليلاً منهم}؛ وهذا أمر يشهد به الحال. قال الله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} [سبأ: ١٣]؛ وقال تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} [الأنعام: ١١٦]؛ وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن بعث النار من بني آدم تسعُمائة وتسعةٌ وتسعون من الألف (١)؛ فالطائع قليل، والمعاند كثير.


(١) أخرجه البخاري ص ٢٧١، كتاب أحاديث الأنبياء، باب: ٧، قصة يأجوج ومأجوج، حديث رقم ٣٣٤٨، وأخرجه مسلم ص ٧١٨، كتاب الإيمان، باب ٩٦، قوله: "يقول الله لآدم أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين"، حديث رقم ٥٣٢ [٣٧٩] ٢٢٢.