للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض}: القائل هنا مبهم للعموم. أي ليعم أيَّ قائل كان؛ و "الإفساد في الأرض" هو أن يسعى الإنسان فيها بالمعاصي. كما فسره بذلك السلف؛ لقوله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} [الروم: ٤١]

وقوله تعالى: {في الأرض}: المراد الأرض نفسها؛ أو أهلها؛ أو كلاهما. وهو الأولى؛ أما إفساد الأرض نفسها: فإن المعاصي سبب للقحط، ونزع البركات، وحلول الآفات في الثمار، وغيرها، كما قال تعالى عن آل فرعون لما عصوا رسوله موسى عليه السلام: {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون} [الأعراف: ١٣٠]، فهذا فساد في الأرض ..

وأما الفساد في أهلها: فإن هؤلاء المنافقين يأتوا إلى اليهود، ويقولون لهم: {لئن أخرجتم لنخرجنَّ معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم} [الحشر: ١١]: فيزدادوا استعداءً للرسول صلى الله عليه وسلم ومحاربة له؛ كذلك أيضاً من فسادهم في أهل الأرض: أنهم يعيشون بين المسلمين، ويأخذون أسرارهم، ويفشونها إلى أعدائهم؛ ومن فسادهم في أهل الأرض: أنهم يفتحون للناس باب الخيانة والتَقِيَّة، بحيث لا يكون الإنسان صريحاً واضحاً، وهذا من أخطر ما يكون في المجتمع ..

قوله تعالى: {قالوا إنما نحن مصلحون}؛ {إنما}: أداة حصر؛ و {نحن}: مبتدأ؛ و {مصلحون}: خبر؛ والجملة اسمية؛ والجملة الاسمية تفيد الثبوت، والاستمرار؛ فكأنهم يقولون: ما