قوله تعالى:{وآتينا عيسى ابن مريم البينات} أي الآيات البينات الدالة على رسالته، ويراد بها الإنجيل، وما جرى على يديه من إحياء الموتى، وإخراجهم من قبورهم بإذن الله، ونحو ذلك.
قوله تعالى:{وأيدناه بروح القدس} أي قويناه؛ وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى:{بروح القدس} ما المراد بها؟ فقيل: المراد بها: ما معه من العلم المطهر الآتي من عند الله؛ والعلم، أو الوحي يسمى روحاً، كما قال تعالى:{وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا}[الشورى: ٥٢]؛ وقيل: المراد بـ «روح القدس» جبريل، كما قال تعالى:{قل نزله روح القدس من ربك بالحق}[النحل: ١٠٢]؛ فـ «روح القدس» هو جبريل؛ أيد الله عيسى به، حيث كان يقويه في مهام أموره عندما يحتاج إلى تقوية؛ والآية صالحة للأمرين، فتفسر بهما كما قررناه غير مرة.
قوله تعالى:{ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جاءتهم البينات}؛ «لو» شرطية؛ فعل الشرط فيها {شاء الله}؛ وجوابه {ما اقتتل الذين ... }؛ ومفعول {شاء} محذوف دلّ عليه جواب الشرط؛ والتقدير: ولو شاء الله أن لا يقتتل الذين من بعدهم ما اقتتلوا؛ إما لاتفاقهم على الإيمان؛ وإما لاتفاقهم على المهادنة، وإن كفر بعضهم.
وقوله تعالى:{من بعدهم} أي من بعد الرسل؛ {من بعدما جاءتهم البينات} أي هذا القتال حصل بعدما زال اللبس، واتضح الأمر، ووجدت البينات الدالة على صدق الرسل؛ ومع ذلك فإن