للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباء؛ و «ما» يحتمل أن تكون مصدرية؛ أي: إلا بمشيئته؛ ويحتمل أن تكون موصولة؛ أي: إلا بالذي شاء؛ وعلى التقدير الثاني يكون العائد محذوفاً؛ والتقدير: إلا بما شاءه.

قوله تعالى: {وسع كرسيه السماوات والأرض}؛ أي شمل، وأحاط، كما يقول القائل: وسعني المكان؛ أي شملني، وأحاط بي؛ و «الكرسي» هو موضع قدمي الله عز وجل؛ وهو بين يدي العرش كالمقدمة له؛ وقد صح ذلك عن ابن عباس موقوفاً (١)، ومثل هذا له حكم الرفع؛ لأنه لا مجال للاجتهاد فيه؛ وما قيل من أن ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ عن بني إسرائيل فلا صحة له؛ بل الذي صح عنه في البخاري (٢)

أنه كان ينهى عن الأخذ عن بني إسرائيل؛ فأهل السنّة والجماعة عامتهم على أن الكرسي موضع قدمي الله عز وجل؛ وبهذا جزم شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهما من أهل العلم، وأئمة التحقيق؛ وقد قيل: إن «الكرسي» هو العرش؛ ولكن ليس بصحيح؛ فإن «العرش» أعظم، وأوسع، وأبلغ إحاطة من الكرسي؛ وروي عن ابن عباس أن {كرسيه}: علمه؛ ولكن هذه الرواية أظنها لا تصح عن ابن عباس (٣)؛ لأنه لا يعرف هذا


(١) راجع المعجم الكبير للطبراني ١٢/ ٩٣، حديث رقم ١٢٤٠٤؛ وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٦/ ٣٢٦)؛ وراجع مستدرك الحاكم ٢/ ٢٨٢، كتاب التفسير، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
(٢) راجع البخاري ص ٦١٢ - ٦١٣، كتاب الاعتصام بالسنة، باب ٢٥: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء"، حديث رقم ٧٣٦٣ ..
(٣) راجع تفسير الطبري ٥/ ٣٩٧ - ٣٩٨، القول في تأويل قوله تعالى: (وسع كرسيه السموات والأرض)، حديث رقم ٥٧٨٧ - ٥٧٨٨؛ ذكر ابن أبي العز أن المحفوظ عن ابن عباس أن الكرسي هو موضع القدمين (شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٧١) وذكر شعيب الأرناؤوط: أن أثر ابن عباس في تفسير الكرسي بأنه موضع القدمين أصح إسناداً (شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٧١، حاشية رقم ١)، وذكر محمود شاكر أنه إذا كان أثر ابن عباس في تفسير الكرسي بالعلم صحيح الإسناد فإن الخبر الآخر صحيح على شرط الشيخين (تفسير الطبري ٥/ ٤٠١، حاشية رقم ١).