للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفسير:

{٢٥٦} قوله تعالى: {لا إكراه في الدين}؛ هذه الجملة نفي؛ لكن هل هي بمعنى النهي؛ أي لا تكرهوا أحداً على الدين؛ أو بمعنى النفي؛ أي أنه لن يدخل أحد دين الإسلام مكرَهاً؛ بل عن اختيار؛ لقوله تعالى بعد ذلك: {قد تبين الرشد من الغي}؟ الجواب: تحتمل وجهين؛ و «الإكراه» الإرغام على الشيء.

وقوله تعالى: {في الدين}؛ «الدين» يطلق على العمل؛ ويطلق على الجزاء؛ أما إطلاقه على العمل ففي مثل قوله تعالى: {ورضيت لكم الإسلام ديناً} [المائدة: ٣]، وقوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: ١٩]؛ وأمّا إطلاقه على الجزاء فمثل قوله تعالى: {وما أدراك ما يوم الدين * ثم ما أدراك ما يوم الدين} [الانفطار: ١٧، ١٨] أي يوم الجزاء؛ وقد قيل: «كما تدين تدان»؛ أي كما تعمل تجازى؛ والمراد بـ «الدين» هنا العمل؛ والمراد به دين الإسلام بلا شك؛ فـ «أل» هنا للعهد الذهني؛ يعني الدين المفهوم عندكم أيها المؤمنون؛ وهو دين الإسلام.

قوله تعالى: {قد تبين الرشد من الغي}؛ {تبين} هنا ضمنت معنى «تميَّز»؛ وكلما جاءت «مِن» بعد «تبين» فإنها مضمنة معنى التميز؛ أي تميز هذا من هذا.

وقوله تعالى: {الرشد من الغي}: هناك رشد، وغيّ؛ وهدى، وضلال؛ فـ؛ «الرشد» معناه حسن المسلك، وحسن التصرف: بأن يتصرف الإنسان تصرفاً يحمد عليه؛ وذلك بأن يسلك الطريق الذي به النجاة؛ ويقابل بـ «الغي» كما هنا؛ والمراد