للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {أعلم} بفتح الهمزة على أنه فعل مضارع؛ فالجملة خبرية؛ والقراءة الثانية «اعْلمْ» بهمزة الوصل على أنه فعل أمر؛ وعلى هاتين القراءتين يختلف عود الضمير في {قال}؛ فعلى القراءة الأولى مرجعه {الذي مر على قرية}؛ وعلى الثانية يرجع إلى الله.

وقد اختلف المفسرون في تعيين القرية، والذي مر بها؛ وهو اختلاف لا طائل تحته؛ إذ لم يثبت فيه شيء عن معصوم؛ والمقصود العبرة بما في هذه القصة - لا تعيين الرجل، ولا القرية - ومثل هذا الذي يأتي مبهماً، ولم يعين عن معصوم، طريقنا فيه أن نبهمه كما أبهمه الله عز وجل.

قوله تعالى: {أو كالذي مر على قرية}: «القرية» مأخوذة من القَرْي؛ وهي الجمع؛ وتطلق على الناس المجتمعين في البلد؛ وتطلق على البلد نفسها - حسب السياق - فمثلاً في قوله تعالى: {قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية} [العنكبوت: ٣١] المراد بـ «القرية» هنا المساكن؛ لأنه تعالى قال: {أهل هذه القرية}؛ وأما في قوله تعالى: {فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة} فالمراد بـ «القرية» هنا أهلها؛ والدليل قوله تعالى: {أهلكناها}، وقوله تعالى: {وهي ظالمة}: وهذا لا يوصف به البلد.

فتبين أن القرية يراد بها أحياناً البلد التي هي محل مجتمع الناس؛ ويراد بها القوم المجتمعون - على حسب السياق؛ وكما قال أولاد يعقوب لأبيهم: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} [يوسف: ٨٢]: فالمراد بـ «القرية» هنا أهلها؛ والدليل قوله تعالى: {واسأل القرية}؛ لأن السؤال لا يمكن أن يوجه إلى