للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفاكهة؛ والعنب كذلك: حلوى، وقوت، وفاكهة؛ وظاهر كلمة «أنهار» أن الماء عذب؛ وجمع {الأنهار} باعتبار تفرقها في الجنة، وانتشارها في نواحيها؛ إذاً يعتبر هذا البستان كاملاً من كل النواحي: نخيل، وأعناب، ومياه، وثمرات؛ وهو أيضاً جنة كثيرة الأشجار، والأغصان، والزروع، وغير ذلك - هذا هو المشهد الأول من الآية.

والمشهد الثاني قوله تعالى: {وأصابه الكبر} أي أصاب صاحب الجنة الكِبَر، فعجز عن تصريفها، والقيام عليها؛ {وله ذرية ضعفاء} يعني صغاراً، أو عاجزين؛ فالأب كبير؛ والذرية ضعفاء - إما لصغرهم، أو عجزهم.

قوله تعالى: {فأصابها} أي أصاب هذه الجنة {إعصار} أي ريح شديدة؛ وقيل: ريح منطوية التي ينطوي بعضها على بعض؛ وهذا الإعصار {فيه نار} أي حرارة شديدة؛ مر الإعصار على هذه الجنة {فاحترقت} حتى تساقطت أوراقها، وثمراتها، ويبست أغصانها، وعروقها؛ فماذا يكون حال هذا الرجل؟! يكون في غاية ما يكون من البؤس؛ لأنه فقد هذه الجنة في حال الكبر، والذرية الضعفاء؛ فهو في نفسه لا يكتسب، وذريته لا يكتسبون له ولا لأنفسهم؛ فتكون عليه الدنيا أضيق ما يكون، ويتحسر على هذه الجنة أشد ما يكون من التحسر.

هذا الأمر الذي بينه الله هنا ضربه الله مثلاً للمنفق المانّ بنفقته؛ انظر كيف يبدئ الله ويعيد في القرآن العظيم للتنفير من المن بالصدقة؛ والذي يشبه الإعصار نفس المنّ؛ فهذا الرجل