للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الرجل مازح ليس جادّاً؛ فالجواب أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث جِدّهن جِدّ وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة» (١):

فلو قال الرجل لزوجته: أنت طالق يمزح عليها فإنها تطلق؛ فهل تقولون: إذا قام الممثل بدور رجل طلق امرأته فإنها تطلق امرأته؟ سيقولون: لا؛ وكلنا يقول: لا؛ والفرق ظاهر؛ لأن المازح يضيف الفعل إلى نفسه، والممثل يضيفه إلى غيره؛ ولهذا لا تطلق زوجته لو قام بدور تمثيل المطلِّق؛ ولا يكفر لو قام بدوره تمثيل الكافر؛ لكن أرى أنه لا يجوز من ناحية أخرى؛ وهي أنه لعله يتأثر قلبه في المستقبل، حيث يتذكر أنه كان يوماً من الدهر يمثل دور الكافر؛ ثم إنه ربما يعَيَّر به فيقال مثلاً: أين أبو جهل؟! إذا قام بدوره.

ويمكن أن نأتي بدليل على جواز التمثيل؛ وذلك في قصة الثلاثة من بني إسرائيل: الأقرع، والأعمى، والأبرص؛ فالملك أتى الأبرص، والأقرع، والأعمى، وسألهم ماذا يريدون؛ كل ذكر أمنيته؛ فأعطاه الله سبحانه وتعالى أمنيته؛ ثم عاد إليهم المَلَك مرة


(١) أخرجه أبو داود ص ١٣٨٤، كتاب الطلاق، باب ٩: في الطلاق على الهزل، حديث رقم ٢١٩٤؛ وأخرجه الترمذي ص ١٧٦٩، كتاب الطلاق واللعان، باب ٩: ما جاء في الجد والهزل في الطلاق، حديث رقم ١١٨٤، وأخرجه ابن ماجة ص ٢٥٩٩، كتاب الطلاق، باب ١٣: من طلق أو نكح أو راجع لاعباً، = =حديث رقم ٢٠٣٩، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ١٩٨، كتاب الطلاق، وقال: [حديث صحيح الإسناد وعبد الرحمن بن حبيب هذا هو ابن أردك من ثقات المدنيين]، وعقب الذهبي: [قلت: فيه لين]: وقال الحافظ: [مختلف فيه، قال النسائي: منكر الحديث ووثقه غيره فهو على هذا أحسن ا. هـ التلخيص الحبير ٣/ ٢٣٦)، وقال الألباني: حسن (صحيح أبي داود ٢/ ٩) ..