للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ليس من العدل؛ ولهذا قال تعالى: {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه}.

وقوله تعالى: {منه تنفقون} يحتمل في {منه} وجهان؛ أحدهما: أنها متعلقة بـ {الخبيث} على أنها حال؛ أي الخبيث حال كونه مما أخرجنا لكم من الأرض؛ وعلى هذا يكون في {تنفقون} ضمير محذوف؛ والتقدير: تنفقونه؛ الوجه الثاني: أنها متعلقة بقوله تعالى: {تنفقون}؛ يعني: ولا تقصدوا الخبيث تنفقون منه؛ وقدمت على عاملها للحصر؛ والوجهان من حيث المعنى لا يختلفان؛ فإن معناها أن الله ينهانا أن نقصد الخبيث - وهو الرديء - لننفق منه.

قوله تعالى: {ولستم بآخذيه}: أي لستم بآخذي الرديء عن الجيد لو كان الحق لكم {إلا أن تغمضوا فيه} أي تأخذوه عن إغماض؛ و «الإغماض» أخذ الشيء على كراهيته - كأنه أغمض عينيه كراهية أن يراه.

قوله تعالى: {واعلموا أن الله غني حميد}؛ فهو لم يطلب منكم الإنفاق لفقره واحتياجه؛ {حميد}: يحتمل أن تكون بمعنى حامد؛ وبمعنى محمود؛ وكلاهما صحيح؛ لأن «فعيلاً» تأتي بمعنى فاعل؛ وبمعنى مفعول؛ إتيانها بمعنى فاعل مثل: «رحيم» بمعنى راحم؛ و «سميع» بمعنى سامع؛ وإتيانها بمعنى مفعول مثل: «قتيل»، و «جريح»، و «ذبيح»، وما أشبه ذلك؛ وهنا {حميد} تصح أن تكون بمعنى حامد، وبمعنى محمود؛ أما كون الله محموداً فظاهر؛ وأما كونه حامداً فلأنه سبحانه وتعالى يَحمَد من يستحق الحمد من عباده؛ ولهذا أثنى على أنبيائه، ورسله،