للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفسير:

{٢٧٣} في هذه الآية بيان لمصرف الإنفاق؛ كأن سائلاً يسأل: إلى أين نصرف هذا الخير؟ فقال تعالى: {للفقراء ... }؛ وعلى هذا فتكون {للفقراء} إما متعلقة بقوله تعالى: {تنفقوا}؛ أو بمحذوف تقديره: الإنفاق، أو الصدقات للفقراء؛ و {الفقراء} جمع فقير؛ و «الفقير» هو المعدم؛ لأن أصل هذه الكلمة مأخوذة من «الفقر» الموافق لـ «القفر» في الاشتقاق الأكبر - الذي يتماثل فيه الحروف دون الترتيب؛ و «القفر» الأرض الخالية، كما قال الشاعر:

(وقبرُ حربٍ بمكانٍ قفر وليس قربَ قبرِ حرب قبر) فـ «الفقير» معناه الخالي ذات اليد؛ ويقرن بـ «المسكين» أحياناً؛ فإذا قرن بـ «المسكين» صار لكل منهما معنى؛ وصار «الفقير» من كان خالي ذات اليد؛ أو من لا يجد من النفقة إلا أقل من النصف؛ والمسكين أحسن حالاً منه، لكن لا يجد جميع الكفاية؛ أما إذا انفرد أحدهما عن الآخر صار معناهما واحداً؛ فهو من الكلمات التي إذا اجتمعت افترقت؛ وإذا افترقت اجتمعت.

قوله تعالى: {الذين أحصروا في سبيل الله} أي منعوا من الخروج من ديارهم {في سبيل الله} أي في شريعته {لا يستطيعون ضرباً في الأرض} أي لا يقدرون على السفر لقلة ذات اليد؛ أو لعجزهم عن السفر لما أصابهم من الجراح، أو الكسور، أو نحو ذلك.

قوله تعالى: {يحسبهم الجاهل أغنياء} أي يظنهم الجاهل بأحوالهم أغنياء؛ وفي {يحسبهم} قراءتان: فتح السين،