فإنهم لا يعطون؛ ولهذا لما جاء رجلان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسألانه الصدقة صعَّد فيهما النظر وصوَّبه، ثم قال:«إن شئتما أعطيتكما؛ ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب»(١)؛ فإذا كان الإنسان يستطيع الضرب في الأرض والتجارة والتكسب، فإنه لا يعطى؛ لأنه وإن كان فقيراً بماله؛ لكنه ليس فقيراً بعمله.
٢ - ومن فوائد الآية: فضيلة التعفف؛ لقوله تعالى:{يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف}.
٣ - ومنها: التنبيه على أنه ينبغي للإنسان أن يكون فطناً ذا حزم، ودقة نظر؛ لأن الله وصف هذا الذي لا يعلم عن حال هؤلاء بأنه جاهل؛ فقال تعالى:{يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف}؛ فينبغي للإنسان أن يكون ذا فطنة، وحزم، ونظر في الأمور.
٤ - ومنها: إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى:{من التعفف}؛ فإن {من} هنا سببية؛ أي بسبب تعففهم يظن الجاهل بحالهم أنهم أغنياء.
٥ - ومنها: الإشارة إلى الفراسة، والفطنة؛ لقوله تعالى:{تعرفهم بسيماهم}؛ فإن السيما هي العلامة التي لا يطلع عليها إلا ذوو الفراسة؛ وكم من إنسان سليم القلب ليس عنده فراسة،
(١) أخرجه أحمد ٤/ ٢٢٤، حديث رقم ١٨١٣٥، أخرجه أبو داود ص ١٣٤٤، كتاب الزكاة، باب ٢٤: من يعطى من الصدقة وحد الغنى، حديث رقم ١٦٣٣؛ وأخرجه النسائي ص ٢٢٥٦، كتاب الزكاة، باب ٩١: مسالة القوي المكتسب، حديث رقم ٢٥٩٩، وقال الألباني في صحيح النسائي: صحيح ٢/ ٢٢٨، والإرواء ٣/ ٣٨١، حديث رقم ٨٧٦.