الذي لا يعرف كيف يتصرف؛ وهذا قول كثير من المتأخرين؛ وقالوا: إن يوم القيامة هنا ليس له ذكر؛ ولكن الله شبَّه حالهم حين طلبهم الربا بحال المصروع من سوء التصرف؛ وكلما كان الإنسان أشد فقراً كانوا له أشد ظلماً؛ فيكثرون عليه الظلم لفقره؛ بينما حاله تقتضي الرأفة، والتخفيف؛ لكن هؤلاء ظلمة ليس همهم إلا أكل أموال الناس.
فاختلف المفسرون في معنى «القيام»، ومتى يكون؛ لكنهم لم يختلفوا في قوله تعالى:{يتخبطه الشيطان من المس}؛ يعني متفقين على أن الشيطان يتخبط الإنسان؛ و {من المس} أي بالمس بالجنون؛ وهذا أمر مشاهد: أن الشيطان يصرع بني آدم؛ وربما يقتله - نسأل الله العافية -؛ يصرعه، ويبدأ يتخبط، ويتكلم، والإنسان نفسه لا يتكلم - يتكلم الشيطان الذي صرعه.
قوله تعالى:{ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا}: المشار إليه قيامهم كقيام المصروع؛ {بأنهم قالوا ... } إلخ: الباء للسببية؛ يعني أنهم عُمّي عليهم الفرق بين البيع، والربا؛ أو أنهم كابروا فألحقوا الربا بالبيع؛ ولذلك عكسوا التشبيه، فقالوا: إنما البيع مثل الربا، ولم يقولوا:«إنما الربا مثل البيع»، كما هو مقتضى الحال.
قوله تعالى:{وأحل الله البيع وحرم الربا} أي أباح البيع، ومنع الربا؛ وهذا رد لقولهم:{إنما البيع مثل الربا}؛ فأبطل الله هذه الشبهة بما ذكر.
قوله تعالى:{فمن جاءه موعظة من ربه} أي من بلغه حكم الربا بعد أن تعامل به {فانتهى} أي كف عن الربا بالتوبة منه