جعلوا المقيس هو المقيس عليه؛ لقولهم:{إنما البيع مثل الربا}؛ وكان مقتضى الحال أن يقولوا: إنما الربا مثل البيع.
٦ - ومنها: أن الحكم لله - تبارك وتعالى - وحده؛ فما أحله فهو حلال؛ وما حرمه فهو حرام سواء علمنا الحكمة في ذلك، أم لم نعلم؛ لأنه تعالى رد قولهم:{إنما البيع مثل الربا} بقوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا}؛ فكأنه قال: ليس الأمر إليكم؛ وإنما هو إلى الله.
٧ - ومنها: أن بين الربا والبيع فرقاً أوجب اختلافهما في الحكم؛ فإنا نعلم أن الله تعالى لا يفرق بين شيئين في الحكم إلا وبينهما فرق في العلة، والسبب المقتضي لاختلافهما؛ لقوله تعالى:{أليس الله بأحكم الحاكمين}[التين: ٨]، وقوله تعالى:{ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون}[المائدة: ٥٠].
٨ - ومنها: أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم فهو حلال له بشرط أن يتوب، وينتهي؛ لقوله تعالى:{فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف}.
٩ - ومنها: أنه لو تاب من الربا قبل أن يقبضه فإنه يجب إسقاطه؛ لقوله تعالى:{فانتهى}؛ ومن أخذه بعد العلم فإنه لم ينته؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة في حجة الوداع:«ألا وإن ربا الجاهلية موضوع؛ وأول رباً أضعه ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله»(١)؛ فبين صلى الله عليه وسلم أن ما لم يؤخذ من الربا فإنه موضوع.
(١) أخرجه مسلم ص ٨٨٠ - ٨٨١، كتاب الحج، باب ١٩: حجة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٢٩٥٠ [١٤٧] ١٢١٨.