للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تزول العلة - وهي العسرة - حتى تجوز مطالبته.

ولو أن الناس مشوا على تقوى الله عز وجل في هذا الباب لسلمت أحوال الناس من المشاكل؛ لكن نجد الغني يماطل: يأتيه صاحب الحق يقول: اقضني حقي؛ فيقول: غداً؛ ويأتيه غداً فيقول: بعد غد؛ وهكذا؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مطل الغني ظلم» (١)؛ ونجد أولئك القوم الأشحاء ذوي الطمع لا يُنظرون المعسر، ولا يرحمونه؛ يقول له: أعطني؛ وإلا فالحبس؛ ويحبس فعلاً - وإن كان لا يجوز حبسه إذا تيقنا أنه معسر، ولا مطالبته، ولا طلب الدين؛ بل يعزر الدائن إذا ألح عليه في الطلب وهو معسر؛ لأن طلبه مع الإعسار معصية؛ والتعزير عند أهل العلم واجب في كل معصية لا حدّ فيها، ولا كفارة.

٥ - ومن فوائد الآية: فضيلة الإبراء من الدَّين، وأنه صدقة؛ لقوله تعالى: {وأن تصدقوا خير لكم}؛ والإبراء سنة؛ والإنظار واجب؛ وهنا السنة أفضل من الواجب بنص القرآن؛ لقوله تعالى: {وأن تصدقوا خير لكم}؛ ووجه ذلك أن الواجب ينتظم في السنة؛ لأن إبراء المعسر من الدَّين إنظار، وزيادة؛ وعلى هذا فيبطل إلغاز من ألغز بهذه المسألة، وقال: «لنا سنة أفضل من الواجب»، ومثل ذلك قول بعضهم في الوضوء ثلاثاً: «إنه أفضل من الوضوء واحدة مع أن الواحدة واجب، والثلاث سنة»؛ فيُلغِز


(١) أخرجه البخاري ص ١٧٨، كتاب الحوالات، باب ١: الحوالة وهل يرجع في الحوالة، حديث رقم ٢٢٨٧؛ وأخرجه مسلم ص ٩٥٠، كتاب المساقاة، باب ٧: تحريم مطل الغني وصحة الحوالة ... ، حديث رقم ٤٠٠٢ [٣٣] ١٥٦٤.