للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعسر - إذا قلنا بوجوب الزكاة في الدَّين - لكان ذلك مجزئاً؛ لأن هذا صار من جنس المال الذي أديت الزكاة عنه.

الخلاصة:

تبين مما ذكر من الآيتين أن المعاملة بالدَّين ثلاثة أقسام:

الأول: أن يأخذ به رباً؛ وهذا محرم؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين} [البقرة: ٢٧٨].

الثاني: أن يكون المدين معسراً؛ فلا تجوز مطالبته، ولا طلب الدّين منه حتى يوسر؛ لقوله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}.

الثالث: أن يبرئ المعسر من دينه؛ وهذا أعلى الأقسام؛ لقوله تعالى: {وأن تصدقوا خير لكم}.

تتمة:

في هذه الآية وجوب الإنظار إلى ميسرة؛ ومن المعلوم أن حصول الميسرة مجهول؛ وهذا لا يضر؛ لأنه ليس من باب المعاوضة؛ ولكن لو اشترى فقير من شخص، وجعل الوفاء مقيداً بالميسرة فهل يجوز ذلك؟ فيه قولان؛ فأكثر العلماء على عدم الجواز لأن الأجل مجهول؛ فيكون من باب الغرر المنهي عنه؛ والقول الثاني: أن ذلك جائز لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: «قدم لفلان اليهودي بزّ من الشأم لو أرسلت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة؛ فأرسل إليه فامتنع» (١)؛ ولأن هذا


(١) أخرجه أحمد ٦/ ١٤٧ حديث رقم ٢٥٦٥٦، وأخرجه الترمذي ص ١٧٧٢، كتاب البيوع، باب ٧: ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل، حديث رقم ١٢١٣، وأخرجه النسائي ص ٢٣٨٦، كتاب البيوع، باب ٧٠: البيع إلى الأجل المعلوم، حديث رقم ٤٦٣٢؛ وأخرجه الحاكم ٢/ ٢٣ - ٢٤، كتاب البيوع، وقال: صحيح على شرط البخاري وأقره الذهبي؛ وقال الألباني في صحيح الترمذي ٢/ ٤ - ٥: صحيح.