مقيد بالنصوص الدالة على أن التجارة لا بد فيها من شروط.
٤١ - ومنها: أن التجارة نوعان: تجارة حاضرة، وتجارة غير حاضرة؛ فأما الحاضرة فهي التي تدار بين الناس بدون أجل؛ وأما غير الحاضرة فهي التي تكون بأجل، أو على مسمى موصوف غير حاضر.
٤٢ - ومنها: أن الأصل في التجارة الدوران؛ لقوله تعالى:{تديرونها بينكم}؛ فأما الشيء الراكد الذي لا يدار فهل يسمى تجارة؟ يرى بعض العلماء أنه ليس تجارة؛ ولذلك يقولون: ليس فيه زكاة، وأن الزكاة إنما هي في المال الذي يدار - يعني يتداول؛ ويرى آخرون أنها تجارة؛ ولكنها تجارة راكدة؛ وهذا يقع كثيراً فيما إذا فسدت التجارة، وكسد البيع؛ فربما تبقى السلع عند أصحابها مدة طويلة لا يحركونها؛ لكن هي في حكم المدارة؛ لأن أصحابها ينتظرون أيّ إنسان يأتي، فيبيعون عليه.
٤٣ - ومن فوائد الآية: أنه لا يجب كتابة التجارة الحاضرة المدارة - ولو كان ثمنها غير منقود؛ بخلاف ما إذا تداين بدين إلى أجل مسمى؛ فإنه تجب كتابة الدَّين على ما سبق من الخلاف في ذلك؛ لقوله تعالى:{فليس عليكم جناح ألا تكتبوها}.
٤٤ - ومنها: الأمر بالإشهاد عند التبايع؛ وهل الأمر للوجوب؛ أو للاستحباب؛ أو للإرشاد؟ فيه خلاف؛ والراجح أنه ليس للوجوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى، ولم يُشهِد (١)؛
(١) راجع أحمد ص ١٦١٤ - ١٦١٥، حديث رقم ٢٢٢٢٨؛ وأبا داود ص ١٤٩٠ - ١٤٩١، كتاب القضاء، باب ٢٠: إذا علم الحاكم صدق شهادة الواحد يجوز له أن يقضي به، حديث رقم ٣٦٠٧؛ والنسائي ص ٢٣٨٨، كتاب البيوع، باب ٨١: التسهيل في ترك الإشهاد على البيع، حديث رقم ٤٦٥١؛ ومستدرك الحاكم ٢/ ١٧ - ١٨، كتاب البيوع؛ وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ورجاله باتفاق الشيخين ثقات، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي (المرجع السابق)؛ وقال الألباني: صحيح (صحيح أبي داود ٢/ ٣٩٩، حديث رقم ٣٦٠٧).