وليس ثمة كاتب، فلا يحصل تمام التوثقة بالرهن إلا بقبضه؛ وهذا القول هو الراجح؛ وعليه فالرهن لازم صحيح بمجرد عقده - وإن لم يقبض؛ لقول الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}[المائدة: ١]، وقوله تعالى:{وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً}[الإسراء: ٣٤]؛ وعلى هذا القول عمل الناس: فترى الرجل يكون راهناً بيته وهو ساكن فيه، أو راهناً سيارته وهو يستعملها؛ ولا تستقيم حال الناس إلا بذلك.
٥ - ومن فوائد الآية: أنه إذا حصل الائتمان من بعضنا لبعض لم يجب رهن، ولا إشهاد، ولا كتابة؛ لقوله تعالى:{فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته}؛ ولهذ قال كثير من العلماء: إن هذه ناسخة لما سبق في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}[البقرة: ٢٨٢]، وقوله تعالى:{وأشهدوا إذا تبايعتم}[البقرة: ٢٨٢]، وقوله تعالى:{وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة}؛ والصحيح أنها ليست ناسخة؛ بل مخصِّصة لما سبق.
٦ - ومنها: وجوب أداء الأمانة على من اؤتمن؛ لقوله تعالى:{فليؤد الذي اؤتمن أمانته}؛ فإذا وجب أداء الأمانة حرمت الخيانة.
٧ - ومنها: أنه لو تلفت العين بيد الأمين فإنه لا ضمان عليه ما لم يتعد، أو يفرط؛ لقوله تعالى:{فليؤد الذي اؤتمن أمانته}؛ فسماها الله سبحانه وتعالى أمانة؛ والأمين يده غير متعدية؛ فلا يضمن إلا إذا حصل تعدٍّ، أو تفريط؛ ومن التعدي إذا أعطي الإنسانُ أمانة للحفظ تصرف فيها - كما يفعل بعض الناس - ببيع،