للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً} [فاطر: ٤٤].

ولما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير} اشتد ذلك على الصحابة، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا! بل قولوا: {سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}، قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير؛ فلما اقترأها القوم ذَلَّت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} [البقرة: ٢٨٥]؛ فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى، فأنزل الله عز وجل: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال تعالى: «نعم»؛ {ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا} قال تعالى: «نعم»؛ {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} قال تعالى: «نعم»؛ {واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} قال تعالى: «نعم» (١).


(١) أخرجه مسلم ص ٦٩٩، كتاب الإيمان، باب ٥٧: بيان تجاوز الله تعالى عن حديث النفس ... ، حديث رقم ٣٢٩ [١٩٩] ١٢٥.