للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذنبه، وما تأخر (١)؛ وقام معه ابن مسعود رضي الله عنه ذات ليلة يقول: فقام فأطال حتى هممت بأمر سوء؛ قالوا: بم هممت يا أبا عبد الرحمن؟ قال: «هممت أن أجلس، وأدعه» (٢)؛ لأن الرسول كان يقوم قياماً طويلاً - صلوات الله وسلامه عليه؛ إذاً فهو أقوى الناس إيماناً، وأشدهم رغبة في الخير، وأكثرهم عبادة.

وقوله تعالى: {من ربه} يراد بها الربوبية أخص الخاصة؛ لأن ربوبية الله عز وجل عامة؛ وخاصة؛ وأخص الخاصة؛ فالعامة الشاملة لكل الخلق، مثل: {رب العالمين} [الفاتحة: ١]؛ والخاصة للمؤمنين؛ وخاصة الخاصة للرسل - عليهم الصلاة والسلام -؛ فالذين يقولون: {ربنا إننا آمنا فاغفر لنا} [آل عمران: ١٦] هذه ربوبية خاصة لكل المؤمنين؛ ومثل: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} هذه أخص الخاصة، ومثلها: {فلا وربك لا يؤمنون} [النساء: ٦٥]؛ يقابل ذلك «العبودية»: عبودية عامة؛ وخاصة؛ وأخص الخاصة؛ العامة مثل قوله تعالى: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً} [مريم: ٩٣]؛ والخاصة مثل قوله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً}


(١) راجع البخاري ص ٤١٣، كتاب تفسير القرآن، باب ٢: قوله تعالى: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ... )، حديث رقم ٤٨٣٦، وأخرجه مسلم ص ١١٦٩، كتاب صفات المنافقين، باب ١٨: إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، حديث رقم ٧١٢٤ [٧٩] ٢٨١٩.
(٢) راجع البخاري ص ٨٨، كتاب التهجد، باب ٩: طول القيام في صلاة الليل، حديث رقم ١١٣٥؛ وصحيح مسلم ص ٨٠٠، كتاب صلاة المسافرين، باب ٢٧: استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، حديث رقم ١٨١٥ [٢٠٤] ٧٧٣.