قوله تعالى:{اعبدوا ربكم} أي تذللوا له بالطاعة؛ وذلك بفعل الأوامر، واجتناب النواهي ذلاً تاماً ناشئاً عن المحبة، والتعظيم؛ و "الرب" هو الخالق المالك المدبر لشؤون خلقه؛ {الذي خلقكم} أي أوجدكم من العدم؛ {والذين من قبلكم} معطوف على الكاف في قوله تعالى: {خلقكم}. يعني وخلق الذين من قبلكم؛ والمراد بـ "من قبلنا": سائر الأمم الماضية ..
وقوله تعالى:{الذي خلقكم} صفة كاشفة تبين بعض معنى الربوبية؛ وليست صفة احترازية؛ لأنه ليس لنا ربان أحدهما خالق، والثاني غير خالق؛ بل ربنا هو الخالق ..
قوله تعالى:{لعلكم تتقون}؛ "لعل" هنا للتعليل. أي لتصلوا إلى التقوى؛ ومعلوم أن التقوى مرتبة عالية، حتى قال الله عزّ وجلّ في الجنة:{أعدت للمتقين}[آل عمران: ١٣٣]، وقال تعالى:{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}[النحل: ١٢٨]، وقال تعالى:{واعلموا أن الله مع المتقين}[البقرة: ١٩٤] ..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: العناية بالعبادة؛ يستفاد هذا من وجهين؛ الوجه الأول: تصدير الأمر بها بالنداء؛ والوجه الثاني: تعميم النداء لجميع الناس مما يدل على أن العبادة أهم شيء؛ بل إنّ الناس ما خُلقوا إلا للعبادة، كما قال تعالى:{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}(الذاريات: ٥٦)