للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُخبر بما يُسِرُّه استنار وجهه، وطابت نفسه، وانشرح صدره؛ وقد تستعمل "البشارة" في الإخبار بما يسوء، كقوله تعالى: {فبشرهم بعذاب أليم} [آل عمران: ٢١]: إمَّا تهكماً بهم؛ وإما لأنهم يحصل لهم من الإخبار بهذا ما تتغير به بشرتهم، وتَسودَّ به وجوههم، وتُظلِم، كقوله تعالى في عذابهم يوم القيامة: {ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم} [الدخان: ٤٨، ٤٩] ..

والخطاب في قوله تعالى: {بشِّر} إما للرسول صلى الله عليه وسلم؛ أو لكل من يتوجه إليه الخطاب. يعني بشِّر أيها النبي؛ أو بشِّر أيها المخاطَب من اتصفوا بهذه الصفات بأن لهم جنات ..

قوله تعالى: {الذين آمنوا} أي بما يجب الإيمان به مما أخبر الله به، ورسوله؛ وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أصول الإيمان بأنها الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره؛ لكن ليس الإيمان بهذه الأشياء مجرد التصديق بها؛ بل لا بد من قبول، وإذعان؛ وإلا لما صح الإيمان ..

قوله تعالى: {وعملوا الصالحات} أي عملوا الأعمال الصالحات. وهي الصادرة عن محبة، وتعظيم لله عزّ وجلّ المتضمنة للإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله؛ فما لا إخلاص فيه فهو فاسد؛ لقول الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (١)؛ وما لم يكن على الاتِّباع فهو مردود لا يقبل؛ لقول


(١) أخرجه مسلم ص ١١٩٥، كتاب الزهد، باب ٤: تحريم الرياء، حديث رقم ٧٤٧٥ [٤٦] ٢٩٨٥.