إذاً هم لا يخاطبون بالفعل. يعني لا يقال: افعلوا.؛ فلا نقول للكافر: تعال صلِّ؛ بل نأمره أولاً بالإسلام؛ وإن أردت بالمخاطبة أنهم يعاقبون عليها إذا ماتوا على الكفر فهذا صحيح؛ ولهذا يقال للمجرمين:{ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين}[المدثر: ٤٢. ٤٧] يعني هذا دأبهم حتى ماتوا؛ ووجه الدلالة من الآية أنه لولا أنهم كانوا مخاطبين بالفروع لكان قولهم:{لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين}[المدثر: ٤٣. ٤٤] عبثاً لا فائدة منه، ولا تأثير له ...
٣ ومن فوائد الآية: أن من اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً ففيه شبه من اليهود؛ فالذين يقرؤون العلم الشرعي من أجل الدنيا يكون فيهم شبه باليهود؛ لأن اليهود هم الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً؛ وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة"(١) يعنى ريحها؛ وحينئذ يشكل على كثير من
(١) أخرجه أبو داود ص ١٤٩٤، كتاب العلم، باب ١١: في طلب العلم لغير الله، حديث رقم ٣٦٦٤؛ وأخرجه ابن ماجة ص ٢٤٩٢، كتاب السنة، باب ٢٣: الانتفاع بالعلم والعمل به، حديث رقم ٢٥٢؛ وأخرجه أحمد ٢/ ٣٣٨، حديث رقم ٨٤٣٨؛ وأخرجه الحاكم في مستدركه ١/ ٨٥، كتاب العلم، وقال: هذا حديث صحيح سنده ثقات رواته على الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، ومدار الحديث على فليح بن سليمان الخزاعي، قال الدارقطني: يختلفون فيه وليس به بأس، تهذيب التهذيب ٨/ ٢٧٣، وقال الحاكم فيه: "اتفاق الشيخين عليه يقوي أمره، ت. التهذيب، وقال عبد القادر الأرناوؤط في تخريج جامع الأصول ٤/ ٥٤٤، حاشية رقم ١: "توبع في جامع بيان العلم ١/ ٩٠ فهو به حسن". أهـ.