للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي صلى الله عليه وسلم عاد غلاماً من اليهود كان مريضاً، فحضر أجله والنبي صلى الله عليه وسلم عنده؛ فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرشد، فنظر إلى أبيه كأنه يستشيره، فقال له أبوه: "أطع أبا القاسم". وأبوه يهودي.، فتشهد الغلام شهادة الحق، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار" (١) أي بدعوتي؛ إذاً هؤلاء اليهود من أحبارهم من يأمر الناس بالبر. وهو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكنه ينسى نفسه، ولا يؤمن؛ فقال الله تعالى: {وأنتم تتلون الكتاب} أي تقرؤون التوراة؛ والجملة هنا حالية. أي والحال أنكم تتلون الكتاب.؛ فلم تأمروا بالبر إلا عن علم؛ ولكن مع ذلك {تنسون أنفسكم} أي تتركونها، فلا تأمرونها بالبر ..

قوله تعالى: {أفلا تعقلون}: الاستفهام هنا للتوبيخ. يعني أفلا يكون لكم عقول تدركون بها خطأكم، وضلالكم.؟! و "العقل" هنا عقل الرشد، وليس عقل الإدراك الذي يناط به التكليف؛ لأن العقل نوعان: عقل هو مناط التكليف. وهو إدراك الأشياء، وفهمها.؛ وهو الذي يتكلم عليه الفقهاء في العبادات، والمعاملات، وغيرها؛ وعقل الرشد. وهو أن يحسن الإنسان التصرف.؛ وسمي إحسان التصرف عقلاً؛ لأن الإنسان عَقَل تصرفه فيما ينفعه ..

الفوائد:.

١ من فوائد الآية: توبيخ هؤلاء الذين يأمرون بالبر، وينسون أنفسهم؛ لأن ذلك منافٍ للعقل؛ وقد ورد الوعيد الشديد على من كان هذا دأبه؛ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أنه يؤتى بالرجل


(١) سبق تخريجه ص ٧٩.