وقوله تعالى:{بعثناكم من بعد موتكم}: هذه نعمة كبيرة عليهم أن الله تعالى أخذهم بهذه العقوبة، ثم بعثهم ليرتدعوا؛ ويكون كفارة لهم؛ ولهذا قال تعالى:{لعلكم تشكرون} أي تشكرون الله سبحانه وتعالى؛ و "لعل" هنا للتعليل ..
وهذه إحدى الآيات الخمس التي في سورة البقرة التي فيها إحياء الله تعالى الموتى؛ والثانية: في قصة صاحب البقرة؛ والثالثة: في الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فقال الله لهم:{موتوا ثم أحياهم}[البقرة: ٢٤٣]؛ والرابعة: في قصة الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها، فقال:{أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه}[البقرة: ٢٥٩]؛ والخامسة في قصة إبراهيم:{رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ... }[البقرة: ٢٦٠] الآية؛ والله تعالى على كل شيء قدير، ولا ينافي هذا ما ذكر الله في قوله تعالى:{ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون}[المؤمنون: ١٥، ١٦]؛ لأن هذه القصص الخمس، وغيرها. كإخراج عيسى الموتى من قبورهم. تعتبر أمراً عارضاً يؤتى به لآية من آيات الله سبحانه وتعالى؛ أما البعث العام فإنه لا يكون إلا يوم القيامة؛ ولهذا نقول في شبهة الذين أنكروا البعث من المشركين، ويقولون:{متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}[الأنبياء: ٣٨]، ويقولون:{فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين}[الدخان: ٣٦] نقول: إن هؤلاء مموهون؛ فالرسل لم تقل لهم: إنكم تبعثون الآن؛ بل يوم القيامة؛ ولينتظروا، فسيكون هذا بلا ريب ..