وأنت إذا تأملت حيل اليهود في السبت، وحيلهم في بيع شحوم الميتة وقد حرمت عليهم، ثم أذابوها، وباعوها، وأكلوا ثمنها؛ وتأملت حيل بعض المسلمين اليوم على الربا وغيره. وجدت أن حيل بعض المسلمين اليوم على ما ذُكر أشد حيلة من حيل اليهود. ومع ذلك أحل الله بهم نقمته، وقد نهانا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل"(١)؛ فالمتحيل على المحرَّم واقع فيه، ولا تنفعه الحيلة ..
. ٣ ومن فوائد الآيتين: بيان حكمة الله في مناسبة العقوبة للذنب؛ لأن عقوبة هؤلاء المتحيلين أنهم مسخوا قردة خاسئين؛ والذنب الذي فعلوه أنهم فعلوا شيئاً صورته صورة المباح؛ ولكن حقيقته غير مباح؛ فصورة القرد شبيهة بالآدمي، ولكنه ليس بآدمي؛ وهذا؛ لأن الجزاء من جنس العمل؛ ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى:{فكلًّا أخذنا بذنبه}[العنكبوت: ٤٠] ..
. ٤ ومنها: بيان قدرة الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى:{كونوا قردة خاسئين}؛ فكانوا في لحظة قردة ..
. ٥ ومنها: إثبات القول لله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى:{فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين} ..
(١) قال ابن القيم: [رواه أبو عبد الله ابن بطة: "حدثنا أحمد بن سلام حدثنا الحسن بن صباح حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمرو"، وهذا إسناد جيد يصحح مثله الترمذي]. أهـ. إغاثة اللهفان ١/ ٥١٣؛ عون المعبود مع شرح ابن القيم ٩/ ٣٤٠.