فإن اختلف المعنى الشرعي واللغوي، أُخذ بما يقتضيه الشرعي، لأن القرآن نزل لبيان الشرع، لا لبيان اللغة إلا أن يكون هناك دليل يترجَّح به المعنى اللغوي فيؤخذ به.
مثال ما اختلف فيه المعنيان، وقدم الشرعي: قوله تعالى في المنافقين: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدا)(التوبة: الآية ٨٤)، فالصلاة في اللغة الدعاء، وفي الشرع هنا الوقوف على الميت للدعاء له بصفة مخصوصة فيقدم المعنى الشرعي، لأنه المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب، وأما منع الدعاء لهم على وجه الإِطلاق فمن دليل آخر.
ومثال ما اختلف فيه المعنيان، وقدم فيه اللغوي بالدليل: قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِم)(التوبة: الآية ١٠٣)، فالمراد بالصلاة هنا الدعاء، وبدليل ما رواه مسلم (١) عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بصدقة قوم، صلَّى عليهم، فأتاه أبي بصدقته فقال:"اللهم صلِّ على آل أبي أوفى".
وأمثلة ما اتفق فيه المعنيان الشرعي واللغوي كثيرة: كالسماء والأرض والصدق والكذب والحجر والإِنسان.
(١) أخرجه البخاري ص ٣٤٢، كتاب المغازي، باب ٣٦: غزوة الحديبية، حديث رقم ٤١٦٦؛ ومسلم ص ٨٤٩، كتاب الزكاة، باب ٥٤: الدعاء لمن أتى بصدقة، حديث رقم ٢٤٩٢ [١٧٦] ١٠٧٨.