للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلقة؛ و {الكتاب} بمعنى المكتوب؛ والمراد به التوراة؛ {بأيديهم}: كلمة مؤكدة لقوله تعالى: {يكتبون}؛ أو مبينة للواقع؛ لأنه لا كتابة إلا باليد غالباً؛ والمعنى: أنهم يكتبونه بأيديهم، فيتحققون أنه ليس الكتاب المنَزَّل؛ فهم يباشرون هذه الجناية العظيمة؛ {ثم يقولون} أي بعدما كتبوه بأيديهم، وعرفوا أنه من صُنْع أيديهم؛ {هذا من عند الله} أي نزل من عند الله؛ {ليشتروا به} أي ليأخذوا به؛ واللام للتعليل؛ فإذا دخلت اللام على الفعل المضارع تكون للتعليل. كما هي هنا؛ وتكون للعاقبة، مثل: {ليكون لهم عدوًّا وحزناً} [القصص: ٨]؛ وتكون زائدة، مثل: {يريدون ليطفئوا نور الله} [الصف: ٨] أي يريدون أن يطفئوا؛ لأن الفعل "يريد" يتعدى بنفسه بدون حرف الجرّ؛ {ثمناً قليلاً} أي عوضاً قليلاً؛ وهذا العوض القليل هو الرئاسة، والجاه، والمال، وغير ذلك من أمور الدنيا، كما قال تعالى: {قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى} [النساء: ٧٧]؛ فمهما حصل في الدنيا من رئاسة، وجاه، ومال، وولد، فهو قليل بالنسبة للآخرة؛ كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها" (١):

الدنيا من أولها إلى آخرها برئاساتها، وأموالها، وبنيها، وقصورها، وكل ما فيها، وموضع السوط متر تقريباً؛ إذاً متاع الدنيا قليل ..


(١) أخرجه أحمد ٥/ ٣٣٠، حديث رقم ٢٣١٨٣؛ وأخرجه البخاري ص ٢٣٢، كتاب الجهاد والسير، باب ٧٣: فضل رباط يوم في سبيل الله، حديث رقم ٢٨٩٢ ..