للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإقرار، والشهادة لم يقوموا به؛ أخرجوا أنفسهم من ديارهم، وتظاهروا عليهم بالإثم، والعدوان ..

قوله تعالى: {وإن يأتوكم} أي يجيئون إليكم؛ {أسارى}: جمع أسير؛ وتجمع أيضاً على أسرى، كما في قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى} [الأنفال: ٧٠]؛ والأسير هو الذي استولى عليه عدوه؛ ولا يلزم أن يأسره بالحبل؛ لكن الغالب أنه يؤسر به؛ لئلا يهرب؛ و {تفادوهم} أي تفكوهم من الأسر بفداء؛ وفي قراءة (تفدوهم)

قوله تعالى: {وهو محرم عليكم إخراجهم} يعني: تفدون المأسورين وهو محرم عليكم إخراجهم من ديارهم؛ فأنتم لم تقوموا بالإيمان بالكتاب كله؛ ولهذا قال الله تعالى: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}؛ والاستفهام هنا للإنكار، والتوبيخ؛ والفاء في قوله تعالى: {أفتؤمنون} عاطفة؛ وسبق الكلام على مثل ذلك؛ أعني وقوع العاطف بعد همزة الاستفهام (١)؛ ووجه كونهم يؤمنون ببعض الكتاب، ويكفرون ببعض: أنهم كفروا بما نهوا عنه من سفك الدماء، وإخراج أنفسهم من ديارهم؛ وآمنوا بفدائهم الأسرى؛ والذي يعبد الله على هذه الطريق لم يعبد الله حقيقة؛ وإنما عبد هواه؛ فإذا صار الحكم الشرعي يناسبه قال: آخذ به؛ وإذا كان لا يناسبه راوغ عنه بأنواع التحريف، والتماس الأعذار ..

قوله تعالى: {فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة}؛ "ما" نافية؛ والجزاء، والمجازاة، والمعاقبة معناها واحد؛ أو متقارب؛ ومعنى "الجزاء": إثابة العامل على عمله؛


(١) ص ٢٤٩.