للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمشيئة فهو مقرون بالحكمة؛ لقوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً} [الإنسان: ٣٠]؛ فليست أفعال الله وأحكامه لمجرد المشيئة؛ بل هي لحكمة بالغة اقتضت المشيئة ..

. ١٣ ومن فوائد الآيتين: أن هذا الفضل الذي نزله الله لا يجعل المفضَّل به رباً يُعْبد؛ بل هو من العباد. حتى ولو تميز بالفضل؛ لقوله تعالى: (على من يشاء من عباده).

وهذه الفائدة لها فروع نوضحها، فنقول: إن من آتاه الله فضلاً من العلم والنبوة لم يخرج به عن أن يكون عبداً؛ إذاً لا يرتقي إلى منْزلة الربوبية؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم عبد من عباد الله؛ فلا نقول لمن نزل عليه الوحي: إنه يرتفع حتى يكون رباً يملك النفع، والضرر، ويعلم الغيب ..

ويتفرع عنها أن من آتاه الله من فضله من العلم، وغيره ينبغي أن يكون أعبد لله من غيره؛ لأن الله تعالى أعطاه من فضله؛ فكان حقه عليه أعظم من حقه على غيره؛ فكلما عظم الإحسان من الله عزّ وجلّ استوجب الشكر أكثر؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم في الليل حتى تتورم قدماه؛ فقيل له في ذلك؛ فقال: "أفلا أكون عبداً شكوراً (١) " ..

ويتفرع عنها فرع ثالث: أن بعض الناس اغتر بما آتاه الله من


(١) أخرجه البخاري ص ٨٨، كتاب التهجد، باب ٦: قيام النبي صلى الله عليه وسلم الليل، حديث رقم ١١٣٠؛ وأخرجه مسلم ص ١١٦٩، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب ١٨: إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، حديث رقم ٧١٢٤ [٧٩] ٢٨١٩.