للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتحمل الآية عليهما؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم رسالته حق؛ وعليه فالباء للملابسة؛ والرسول صلى الله عليه وسلم ما أرسل به فهو حق؛ وعلى هذا فالباء للمصاحبة ــ يعني أن رسالتك مصحوبة بالحق ــ؛ لأن ما جئت به حق؛ والحق هو الثابت المستقر؛ وهو ضد الباطل؛ والحق بالنسبة للأخبار الصدق؛ وبالنسبة للأحكام العدل.

قوله تعالى: {بشيراً} من البشارة؛ وهي الإخبار بما يسر؛ وقد تقع فيما يسوء، كقوله تعالى: {فبشرهم بعذاب أليم} [آل عمران: ٢١].

قوله تعالى: {ونذيراً} من الإنذار؛ وهو الإعلام بالمكروه؛ أي بما يخاف منه.

والرسول صلى الله عليه وسلم لا شك أنه مبشر بما يسر ــ وهو الجنة ــ؛ ومنذر بما يخاف منه ــ وهو النار و {بشيراً} حال من الكاف في {أرسلناك}؛ و {نذيراً} حال أخرى بواسطة حرف العطف؛ فجمع الله له بين كونه مبشراً، ومنذراً؛ لأن ما جاء به أمر، ونهي؛ والمناسب للأمر: البشارة؛ وللنهي: الإنذار؛ فعليه تكون رسالة النبي صلى الله عليه وسلم جامعة بين البشرى، وبين الإنذار؛ والأمر، والنهي؛ إذاً فالرسول مبشر للمتقين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً ماكثين فيه أبداً؛ ومنذر للكافرين أن لهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب.

قوله تعالى: {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم}؛ في {تسأل} قراءتان؛ إحداهما بالرفع على أن {لا} نافية؛ والفعل مبني لما لم يسم فاعله؛ يعني: ولا تُسأل أنت عن أصحاب الجحيم؛ أي لا يسألك الله عنهم؛ لأنك بلَّغت؛ والحساب