للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها}، وقوله تعالى: {ولا تنفعها}؛ جاء الكلام هنا بصيغة الجمع باعتبار المعنى؛ لأن قوله تعالى: {لا تجزي نفس عن نفس} للعموم؛ والعموم يدل على الجمع، والكثرة؛ ثم إن هنا مناسبة لفظية؛ وهي مراعاة فواصل الآيات؛ ومراعاة الفواصل أمر ورد به القرآن ــ حتى إنه من أجل المراعاة يقدم المفضول على الفاضل ــ، كما في قوله تعالى في سورة طه؛ {قالوا آمنا برب العالمين * رب هارون وموسى} [الشعراء: ٤٧، ٤٨]؛ لأن سورة طه كلها على فاصلة ألف إلا بعض الآيات القليلة؛ فمراعاة الفواصل إذاً من بلاغة القرآن.

الفوائد:

١ ــ من فوائد الآية: إثبات يوم القيامة، وأن هذا اليوم شديد يجب اتقاؤه والحذر منه.

٢ ــ ومنها: أن ذلك اليوم لا تغني نفس عن نفس شيئاً؛ حتى الوالد لا يجزي عن ولده شيئاً؛ ولا المولود يجزي عن والده شيئاً، كما قال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً}.

٣ ــ ومنها: أن من استحق العذاب ذلك اليوم لا يُقبل منه عدل؛ قال تعالى: {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم}.

٤ ــ ومنها: ثبوت أصل الشفاعة في ذلك اليوم؛ لقوله تعالى: {لا تنفعها شفاعة}؛ وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع في أهل الموقف أن يُقضى بينهم (١)، وأنه صلى الله عليه وسلم يشفع في أهل الكبائر أن لا


(١) راجع البخاري ص ٣٩٣ - ٣٩٤، كتاب التفسير، باب ٥: (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً)، حديث رقم ٤٧١٢؛ ومسلماً ص ٧١٤ - ٧١٥، كتاب الإيمان، باب ٨٤: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، حديث رقم ٤٨٠ [٣٢٧] ١٩٤.