للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعرف عظم جرم أولئك الذين يوقعون المخاوف بين المسلمين في مواسم الحج، وأنهم ــ والعياذ بالله ــ من أعظم الناس جرماً؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل هذا البلد آمناً في كل وقت؛ فكيف في وقت أداء مناسك الحج التي ما أُمِّن ــ والله أعلم ــ إلا لأجلها.

٣ ــ ومن فوائد الآية: أنه ينبغي أن يكون كل مكان مثابة للناس أمناً؛ ولهذا كره أهل العلم أن يحمل السلاح في المساجد؛ قالوا: لأن المساجد محل أمن؛ لكن إذا كان المراد من حمل السلاح حفظ الأمن كان مأموراً به.

٤ ــ ومنها: وجوب اتخاذ المصلى من مقام إبراهيم؛ لقوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى}؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب؛ فإن قلنا بأن المراد بالمقام جميع مناسك الحج فلا إشكال؛ لأن فيه ما لا يتم الحج إلا به كالوقوف بعرفة، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة؛ ومنه ما يصح الحج بدونه مع وجوبه كالمبيت بمزدلفة، ورمي الجمرات؛ ومنه ما يصح الحج بدونه وليس بواجب، كصلاة الركعتين بعد الطواف على المشهور؛ وإذا قلنا: المراد به الركعتان بعد الطواف صار فيه إشكال: فإن جمهور العلماء على أنهما سنة؛ وذهب الإمام مالك إلى أنهما واجبتان؛ والذي ينبغي للإنسان: أن لا يدعهما؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الآية بهما، حيث تقدم إلى مقام إبراهيم بعد الطواف، فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}.

٥ ــ ومنها: أن الله سبحانه وتعالى يثيب العامل بأكثر من عمله؛ فإبراهيم صلى الله عليه وسلم لما أتم الكلمات جعله الله تعالى إماماً للناس، وأمر الناس أن يتخذوا من مقامه مصلًّى؛ وهذا بعض من إمامته.