للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} [المجادلة: ١]؛ ومثال الثاني قوله تعالى: {إن ربي لسميع الدعاء} [إبراهيم: ٣٩] أي مستجيب الدعاء؛ وكذلك قول المصلي: «سمع الله لمن حمده» ــ يعني استجاب لمن حمده ــ؛ والسمع الذي هو بمعنى سماع الأصوات من صفاته الذاتية؛ والسمع بمعنى الاستجابة من صفاته الفعلية؛ لأن الاستجابة تتعلق بمشيئته: إن شاء استجاب لمن حمده؛ وإن شاء لم يستجب؛ وأما سماع الأصوات فإنه ملازم لذاته ــ لم يزل، ولا يزال سميعاً ــ؛ إذ إن خلاف السمع الصمم؛ والصمم نقص؛ والله سبحانه وتعالى منزه عن كل نقص؛ وكلا المعنيين يناسب الدعاء: فهو سبحانه وتعالى يسمع صوت الداعي، ويستجيب دعاءه.

والسمع ــ أعني سماع الأصوات ــ تارة يفيد تهديداً؛ وتارة يفيد إقراراً، وإحاطة؛ وتارة يفيد تأييداً. يفيد تهديداً، كما في قوله تعالى: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا ... } [آل عمران: ١٨١] الآية، وقوله تعالى: {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى} [الزخرف: ٨٠] ويفيد إقراراً، وإحاطة، كما في قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} [المجادلة: ١]؛ ويفيد تأييداً، كما في قوله تعالى لموسى وهارون: {إنني معكما أسمع وأرى} [طه: ٤٦].

٨ ــ ومن فوائد الآية: إثبات العلم لله ــ تبارك وتعالى ــ جملةً، وتفصيلاً؛ موجوداً، أو معدوماً؛ ممكناً، أو واجباً، أو مستحيلاً؛ مثال علمه بالجملة: قوله تعالى: {لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً} [الطلاق: ١٢]،