للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ناب عن جملتين؛ فهو في الحقيقة جاهل إن لم يتعمد المخالفة؛ وسفيه إن تعمد المخالفة.

قوله تعالى: {ولقد اصطفيناه في الدنيا}: الجملة هنا مؤكدة بمؤكدات ثلاثة؛ وهي القسم المقدر؛ واللام؛ و «قد»؛ لأن اللام هنا موطئة للقسم؛ والتقدير: وواللَّهِ لقد.

وقوله تعالى: {اصطفيناه} افتعال من الصفوة؛ فأصل هذه المادة من صفا يصفو؛ ومعنى {اصطفيناه في الدنيا اخترناه، وجعلناه صفياً من الخلق: اصطفاه الله سبحانه وتعالى في الدنيا على كل الأنبياء ما عدا محمداً صلى الله عليه وسلم؛ واتخذه الله سبحانه وتعالى خليلاً.

قوله تعالى: {وإنه في الآخرة لمن الصالحين}: {إنه}: «إنّ» واسمها؛ و {لمن الصالحين}: خبرها؛ وهذه الجملة مؤكدة بـ «إن» واللام فقط؛ و {في الآخرة}: في موضع نصب على الحال؛ أي إنه في حال كونه في الآخرة؛ لمن الصالحين؛ في الدنيا اصطفاه الله، واختاره؛ وفي الآخرة يكون من الصالحين الذين أدوا ما أوجب الله عليهم لنفسه ولخلقه.

وهنا ذكر الله تعالى الاصطفاء في الدنيا، والصلاح في الآخرة؛ فهل هنا نكتة لتغاير الحالين، أو لا؟

الجواب: يبدو لي ــ والله أعلم ــ أن هناك نكتة؛ وهي أن الدنيا دار شهوات، وابتلاء؛ فلا يصبر عن هذه الشهوات، ولا على هذا الابتلاء إلا واحد دون الآخر؛ فإذا أخلص الإنسان نفسه لله صار صفوة من عباد الله؛ والآخرة ليست هكذا؛ الآخرة حتى الكفار يؤمنون؛ ولكن الفرق بين من يكون من الصالحين، وغير الصالحين؛ لأنهم إذا عرضوا على النار قيل لهم: {أليس