للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى هذه الآية قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «حسبك» يعني: قف؛ قال: «فإذا عيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان» (١)؛

لأن الأمر عظيم؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم شهيد علينا؛ يشهد بأننا بُلِّغنا، وأقيمت علينا الحجة، وما بقي لنا عذر بأيّ وجه من الوجوه؛ ولهذا لا عذر لأحد بعد أن يتبين له الهدى أن يشاق الله ورسوله، كما قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً} [النساء: ١١٥].

٦ ــ ومن فوائد الآية: إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {ويكون الرسول عليكم شهيداً}.

٧ ــ ومنها: أنه لا رسول بعده؛ لأن «أل» هنا للعهد، وهو يخاطب هذه الأمة؛ فالرسول المعهود فيها واحد؛ وهو محمد صلى الله عليه وسلم؛ ويلزم من ذلك أن لا يكون بعده رسول.

٨ ــ ومنها: أن الله سبحانه وتعالى قد يمتحن العباد بالأحكام الشرعية إيجاباً، أو تحريماً، أو نسخاً؛ لقوله تعالى: {ما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}؛ فلينتبه الإنسان لهذا؛ فإن الله قد يبتليه بالمال بأن يعطيه مالاً ليبلوه أيقوم بواجبه، أم لا؛ وهذه محنة؛ لأن غالب من ابتلي بالمال طغى من وجه، وشح من وجه آخر؛ ثم اعتدى في تمول المال؛ فضَلَّ في تموله، والتصرف فيه، وتصريفه؛ وقد


(١) أخرجه البخاري ص ٤٣٧، كتاب فضائل القرآن، باب ٣٣: قول المقرئ للقارئ "حسبك"؛ وأخرجه مسلم ص ٨٠٣، كتاب صلاة المسافرين، باب ٤٠: فضل استماع القرآن ... ، حديث رقم ١٨٦٧ [٢٤٧] ٨٠٠؛ واللفظ للبخاري ..