بأيّ أداة كانت، مثل قوله تعالى:{لا تأخذه سنة ولا نوم}[البقرة: ٢٥٥]، وقوله تعالى:{وتوكل على الحي الذي لا يموت}[الفرقان: ٥٨]، وقوله تعالى:{وما مسنا من لغوب}[ق: ٣٨]، وقوله تعالى:{ولم يعيَ بخلقهن}[الأحقاف: ٣٣]؛ واعلم أن الصفات المنفية لا يراد بها مجرد النفي؛ وإنما يراد بها مع النفي: ضدها؛ فإذا قال الله تعالى عن نفسه:{وما مسنا من لغوب}[ق: ٣٨] فالمراد: نفي اللغوب، وإثبات كمال قوته، وقدرته.
١٨ ــ ومن فوائد الآية: تهديد هؤلاء المعاندين الذين أوتوا الكتاب، وعلموا الحق، ولم يتبعوه؛ لقوله تعالى:{وما الله بغافل عما يعملون}؛ ويشبه هؤلاء من بعض الوجوه من يتعصب لمذهبه ــ ولو علم أن الحق في خلافه ــ إحساناً للظن بمن قلدهم؛ ولو أتيتهم بكلام من كلام مشايخهم قالوا: على العين والرأس! ولهذا أكثر شيخ الإسلام ــ رحمه الله ــ في «الفتوى الحموية» النقول عن العلماء من الأشاعرة، وغيرهم؛ وقال:«إنه ليس كل من نقلنا قوله فإننا نقول به؛ ولكن لما كان بعض الطوائف منتحلاً إلى إمام أو مذهب، صار لو أُتي بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم" وهذا من الدعوة بالحكمة فإنه يقنع المعارض بما لا يمكنه نفيه ومعارضته إذا أتى إليه بشيء من كلام مقلده لا يمكنه أن يحيد عنه وهؤلاء المتعصبون للمذاهب إذا قلنا لهم هذا الإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد والإمام أبوحنيفة كلهم ينكرون تقليدهم مع مخالفة الكتاب، والسنة، ويقولون: «اضربوا بأقوالنا عُرض الحائط إذا خالفت الكتاب، والسنة»؛ ولهم عبارات في هذا المعنى كثيرة؛ وإذا كانوا يقولون هكذا فإن الذين يتعصبون لهم مع مخالفة الدليل لم يقلدوهم