للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال قائل: كيف لا نقول أموات وقد ماتوا؟

فالجواب: أن المراد هنا: لا تقولوا: أموات موتاً مطلقاً - دون الموت الذي هو مفارقة الروح للجسد؛ فهذا موجود؛ ولولا أن أرواحهم فارقت أجسادهم لما دفناهم، ولكانوا باقين يأكلون، ويشربون؛ ولكن الموت المطلق لم يقع منهم بدليل الإضراب الإبطالي في قوله تعالى: {بل أحياء} يعني: بل هم أحياء؛ فـ {أحياء} خبر لمبتدأ محذوف؛ وهي جمع «حي»؛ والمراد: أحياء عند ربهم، كما في أية آل عمران؛ وهي حياة برزخية لا نعلم كيفيتها؛ ولا تحتاج إلى أكل، وشرب، وهواء، يقوم به الجسد؛ ولهذا قال تعالى: {ولكن لا تشعرون} أي لا تشعرون بحياتهم؛ لأنها حياة برزخية غيبية؛ ولولا أن الله عزّ وجلّ أخبرنا بها ما كنا نعلم بها.

الفوائد:

١ - من فوائد الآية: النهي عن القول بأن الذين قتلوا في سبيل الله أموات؛ وهو يشمل القول بالقلب - وهو الاعتقاد، والقول باللسان - وهو النطق.

٢ - ومنها: التنبيه على الإخلاص في القتال؛ لقوله تعالى: {في سبيل الله}؛ وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (١)؛ وهذه مسألة


(١) أخرجه البخاري ص ٢٥١ - ٢٥٢، كتاب فرض الخمس، باب ١٠: من قاتل للمغنم هل ينقص من أجره، حديث رقم ٣١٢٦، وأخرجه مسلم ص ١٠١٨، كتاب الإمارة، باب ٤٢: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، حديث رقم ٤٩٢٠ [١٥٠] ١٩٠٤، واللفظ لمسلم.