للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٨]؛ وإذا كانت بعد طلوع الشمس من مغربها لم تقبل؛ لقوله تعالى: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً} [الأنعام: ١٥٨]؛ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة؛ ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» (١).

وهل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره؟ للعلماء في هذا ثلاثة أقوال؛ الأول: أنها تصح؛ والثاني: أنها تصح إن كان الذنب من غير الجنس؛ والثالث: لا تصح؛ والصحيح أنها تصح من ذنب مع الإصرار على غيره؛ لكن لا يستحق اسم التائبين على سبيل الإطلاق؛ فلا يستحق وصف التائب، ولا يدخل في مدح التائبين؛ لأن توبته مقيدة من هذا الذنب المعين؛ ومثال ذلك: إذا تاب رجل من الزنى لكنه يتتبع النساء بالنظر المحرم فإن توبته من الزنى تصح على القول الراجح؛ لكن لا يستحق وصف التائب على سبيل الإطلاق؛ وعلى القول بأنها تصح إذا كانت من غير الجنس: فإنها لا تصح؛ وإذا تاب من الزنى مع الإصرار على الربا فإنها تصح؛ لأن الربا ليس من جنسه؛ إلا على القول الثالث الذي يقول لا تصح إلا مع الإقلاع عن جميع الذنوب.


(١) أخرجه أحمد ٤/ ٩٩، حديث رقم ١٧٠٣٠، وأخرجه أبو داود ص ١٤٠٦، كتاب الجهاد، باب ٢: الهجرة قد انقطعت، حديث رقم ٢٤٧٩، وأخرجه الدارمي ج ٢/ ٣١٢، كتاب السير، باب ٧٠: الهجرة لا تنقطع، حديث رقم ٢٦١٣؛ وفي سنده أبو هند البجلي قال الذهبي في الميزان ٤/ ٨٥٣: "لا يصرف؛ لكن احتج به النسائي على قاعدته"؛ قال عبد القادر في تخريج جامع الأصول لابن الأثير ١١/ ٦٠٦ حاشية رقم (٢): رواه أحمد في المسند ١/ ١٩٢ من طريق آخر وإسناده حسن. أهـ (باختصار).