الأرض لغرق الأسفل قبل أن يصل إلى الأعلى؛ كذلك من آيات الله كونه ينزل لا حاراً، ولا بارداً؛ البردُ ذكره الله تعالى في سياق يدل على أنه نوع من الانتقام، فقال تعالى:{وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار}[النور: ٤٣]؛ وإن كان الله قد يجعله رحمة؛ لكن الغالب أنه انتقام.
قوله تعالى:{فأحيا به الأرض}: الذي يحيى هو النبات الذي فيها ــ وليس الأرض؛ و {بعد موتها} أي بعد أن كانت يابسة هامدة لا نبات فيها؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في آية أخرى:{فتصبح الأرض مخضرة}[الحج: ٦٣]؛ وفي إحياء النبات آيات كثيرة: آيات دالة على الرحمة؛ وآيات دالة على الحكمة؛ وآيات دالة على القدرة.
آيات دالة على الرحمة: لما في هذا الإحياء من المنافع العظيمة؛ لقوله تعالى:{أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعاً لكم ولأنعامكم}[النازعات: ٣١، ٣٣]، وقوله تعالى:{فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صباً ... }[عبس: ٥٤، ٢٥] إلى قوله تعالى: {متاعاً لكم ولأنعامكم}؛ فكم من نعم كثيرة في هذه الزروع التي أحياها الله سبحانه وتعالى بالمطر لنا، ولأنعامنا قوتاً، ودواءً، وغير ذلك.
وآيات دالة على الحكمة: وهو أن حياة الأرض جاءت بسبب - وهو الماء الذي نزل؛ فمنه نأخذ أن الله - جل وعلا - يخلق بحكمة، ويقدّر بحكمة؛ الله - جل وعلا - قادر على أن يقول للأرض:«أنبتي الزرع» فتنبت بدون ماء؛ لكن كل شيء