فيقولون: سبب وجود هذا وهذا كذا؛ وهو لا يُعلم أنه سبب له كوناً، ولا شرعاً.
ويشمل أيضاً القول على الله بلا علم في أحكامه؛ مثل أن يقول:«هذا حرام» وهو لا يعلم أن الله حرمه؛ أو «واجب» وهو لا يعلم أن الله أوجبه؛ وهم كثيرون جداً؛ ومنهم العامة، ومنهم أدعياء العلم الذي يظنون أنهم علماء وليس عندهم علم؛ ومن الأشياء التي مرت عليّ قريباً، وهي غريبة: أن رجلاً ذهب إلى إمام مسجد ليكتب له الطلاق؛ فقال له:«طلق امرأتك طلقتين؛ أنا لا أكتب طلقة واحدة؛ لأن الله يقول:{الطلاق مرتان}[البقرة: ٢٢٩]»؛ فقال له الرجل:«اكتب أني طلقت امرأتي مرتين»؛ وهذا جهل مركب منافٍ لمعنى الآية؛ لأن معناها أن الطلاق الذي يملك فيه الرجعة هو الطلقة الأولى، والطلقة الثانية؛ فإن طلقها الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
فالقول على الله بلا علم في ذاته، أو أسمائه، أو صفاته، أو أفعاله، أو أحكامه، كل ذلك من أوامر الشيطان؛ والغالب أنه لا يحمل على ذلك إلا محبة الشرف، والسيادة، والجاه؛ وإلا لو كان عند الإنسان تقوى لالتزم الأدب مع الله عز وجل، ولم يتقدم بين يدي الله ورسوله، وصار لا يقول على الله إلا ما يعلم.
فإذا قال قائل: ألستم تبيحون الفتوى بالظن عند تعذر اليقين؟
فالجواب: بلى؛ بشرط أن يكون لهذا الظن أساس شرعي ــ من اجتهاد، أو تقليد لمن هو أهل لذلك ــ يبنى عليه؛ فإذا أفتينا بالظن لتعذر اليقين فقد أفتينا بما أذن الله لنا فيه؛ لقوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦]، وقوله تعالى: {لا يكلف الله