القسم الأول: من يكتم العلم بخلاً به، ومنعاً لانتفاع الناس به.
والقسم الثاني: من يكتم العلم، ولا يبينه إلا لغرض دنيوي من مال، أو جاه، أو رئاسة، أو غير ذلك.
والقسم الثالث: من يكتم العلم بخلاً به، ولا يبينه إلا لغرض دنيوي؛ فيجمع بين الأمرين؛ وهذا شر الأقسام؛ وهو المذكور في الآية التي نحن بصدد تفسيرها؛ وقد تبين عقوبة كل واحد من هذه الأقسام فيما سبق.
أما من أظهر العلم لله، وتعلم لله، فهذا هو خير الأقسام؛ وهو القسم الرابع الذي يبين بلسانه، وحاله، وقلمه، ما أنزل الله عز وجل؛ والذي يكتم خوفاً إذا كان سيبين في موضع آخر فلا بأس؛ أما الذي يكتم مطلقاً فهذا لا يجوز؛ فيجب أن يبين ولو قُتل ــ إذا كان يتوقف بيان الحق على ذلك ــ، كما جرى لبعض أهل السنة الذين صبروا على القتل في بيانها لتعينه عليهم.
٥ ــ ومن فوائد الآية: أن متاع الدنيا قليل ــ ولو كثر ــ؛ لقوله تعالى:{ويشترون به ثمناً قليلاً}.
٦ ــ ومنها: إطلاق المسبَّب على السبب؛ لقوله تعالى:{أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار} هم لا يأكلون النار؛ ولكن يأكلون المال؛ لكنه مال سبب للنار.
٧ ــ ومنها: إقامة العدل في الجزاء؛ لقوله تعالى:{أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار}؛ فجعل عقوبتهم من النار بقدر ما أكلوه من الدنيا الذي أخذوه عوضاً عن العلم.
٨ ــ ومنها: إثبات كلام الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {ولا